الجمعة - 24/05/2024 : ذمار نت
هُناك مثلٌ دارجٌ يقول “عندما تُفلس الحُكومة تعود إلى دفاترها القديمة”، وهذا المثل ينطبق حرفيًّا على دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالنّظرِ إلى حملة الأكاذيب التي يشنّها سُفراؤها وبعض أجهزة إعلامها هذه الأيّام وتُركّز على رواياتٍ كاذبة حول إقدام عناصر من مُجاهدي حركة “حماس” على اغتِصاب مُجنّداتٍ إسرائيليّات أثناء عمليّة “طُوفان الأقصى” الإعجازيّة في السّابع من تشرين أوّل (أكتوبر) الماضي.
في الماضي كانت مِثل هذه الاتّهامات، والفبركات الإعلاميّة، تُؤتي أكُلَهَا في “شيطنة” حركات المُقاومة الفِلسطينيّة، ابتداءً من فصائل مُنظّمة التّحرير قبل إلقاء سِلاحها واستِسلامها، وانتهاءً بحركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” وشريكتها حركة “الجهاد” بسبب سيطرة إسرائيل، وجماعات ضغطها، على وسائل الإعلام الغربيّة المُهيمنة، ولكنّ الآن، وبعد المجازر التي ارتكبتها في قطاع غزة وتضخّم هزائمها، تغيّر الوضع جذريًّا وانْقَلَبَ السِّحرُ على أصحابِه.
عجلة الكذب الإسرائيليّة تُروّج هذه الأيّام لمقطع من فيديو تظهر فيه سبع مُجنّدات إسرائيليّات زعمن أنّهن تعرّضن لاعتداءاتٍ جنسيّة من قِبَل مُقاتلي حركة “حماس” أثناء اقتِحامهم لمُستوطنةٍ إسرائيليّة، وكان واضحًا بعد الفحص أن هذا الفيديو “مُفبرك” ومُركّب، ولا يتضمّن أيّ اعتداءٍ جسديٍّ، أو حتّى لفظيّ.
السّلطات الإسرائيليّة أغلقت مكاتب وكالة “الأسيوشيتد برس” الأمريكيّة وطردت العامِلين فيها وصادرت أجهزتها، قبل أنْ تتراجع، لأنّ الوكالة بثّت تقريرًا مُفَصَّلًا عن كذب جميع هذه المزاعم الإسرائيليّة حول الاغتِصاب، بالصّوت والصّورة، وخاصَّةً الرّواية الأُولى التي راجَت لتبرير حرب الإبادة في غزة قبل ثماني أشهر، حيث ظهر أحد مُروّجي هذه المزاعم في هذا التّقرير واسمُه حاييم اوتمازجين، الذي قال إنّه شاهد جُثمان فتاة منزوعة السّروال بين جُثث نساء قُتِلَت بعد هُجوم مُقاتلي حماس على مُستوطنةٍ في غِلافِ قطاع غزة، كدليلٍ على عمليّات الاغتِصابِ هذه.
حاييم هذا الذي ظهر باكيًا أمام الكنيست، وانتَشَرتْ أكاذيبه في مُختلف وسائل الإعلام الغربيّة تراجع عن أقواله للوكالة وقال إنّ المشهد لا يَدُلُّ بالضّرورة عن اعتداءٍ جنسيّ، كما اعتذرت مُراسلة في محطّة “سي إن إن” التي تبنّت هذه الرّواية وبثّتها، عن خطئها وعدم تأكّدها مُسبقًا من صحّتها.
حتّى الرئيس بايدن المُتباهي بصُهيونيّته روّج لأُكذوبة قطع مُقاتلي حماس لرؤوس 40 طفلًا، ليعود ويتراجع، ولكنّه لم ينطق بكلمةِ إدانةٍ واحدة لقتلِ حُلفائه الإسرائيليين لأكثر من 20 ألف طِفل فِلسطيني من بينهم المِئات من “الخُدّج” بعد نزْع الأجهزة التي تُبقيهم على قيد الحياة في مُستشفيات القطاع والأخطر من ذلك أنه بارك جميع خطط حرب الإبادة والتّطهير العِرقي الإسرائيليّة وزوّد جيش الاحتِلال بآلاف القنابل العِملاقة، ومِئات الآلاف من الأطنان من الذّخائر وعشَرات طائرات الشّبح (إف 35) الفتّاكة.
من مارس وما زال يُمارس الاغتِصاب في حقّ الحرائر الفِلسطينيّات سواءً داخِل المُعتقلات، أو أثناء الهُجوم على قطاع غزة، هو الجيش الإسرائيلي، وهُناك العديد من الوثائق التي تُوثّق هذه الجرائم لنساء وعذارى جرى إعدامهن بعد اغتِصابهنّ، وسيأتي يوم يجري فيه تقديم هذه الأدلّة للمحاكم الدوليّة، فالأولويّة الآن لاقتِناص أكبر عدد مُمكن من الجِنرالات والجُنود الإسرائيليين على أرضِ القطاع، وهي الأعداد التي تتضاعف يومًا بعد يوم إلى جانب أعداد ضخمة من الدبّابات وناقلات الجُنود والجرّافات.
مُقاتلو المُقاومة في كتائب القسّام وسرايا القدس، والمُجاهدون، على درجةٍ عالية من الإيمان والتّحلّي بأخلاقيّات الإسلام وقيمه وشرائعه، وقمّة آمال هؤلاء وطُموحاتهم هو نيْل الشّهادة ولهذا لا يُمكن أن يقترفوا أي ذنب مهما كانَ بسيطًا، حتّى يُلاقوا ربّهم الأعلى شُهداء طاهِرين من أيّ ذُنوب، وأبرز دليل على ما نقول إشادة الأسيرات والأسرى المُفرج عنهم بأخلاقهم ومُعاملتهم الحسنة لهُم طِوال أشهُر اعتِقالهم، وتقاسُم اللّقمة معهم.
زمن الأكاذيب والفبركات والتّضليل قد ولّى إلى غير رجعة وبات القادة الإسرائيليّون، وعلى رأسِهم نتنياهو وغالانت، مُطارَدين من قِبَل البوليس الدولي للمُثول أمام محكمة الجنايات الدوليّة بتُهم الإبادة وجرائم حرب ضدّ الإنسانيّة، ومنبوذين من مُعظم الشُّرفاء في العالم وهُم الأغلبيّة، ويُواجهون الهزيمة تِلو الأُخرى على أيدي أبطال المُقاومة في قطاع غزة والضفّة الغربيّة وجنوب لبنان واليمن والعِراق، والفضْل في كُلّ ذلك يعود إلى “طُوفان الأقصى” الذي غيّر، وسيُغيّر مجرى التّاريخ، ويُعيد تصحيح مُعادلات القُوّة على الأرض العربيّة وفي العالمِ بأسْرِه لمصلحة المظلومين والمُجاهدين.
خِتامًا نقول إنّنا لا نُراهن على عدالة المحاكم الدوليّة لأنّنا نعرف أنّها مُنحازة ولن يَمْثُل المُجرمون الصّهاينة أمامها بسبب الحماية الأمريكيّة، ولكنّنا نُراهن على العدالة الإلهيّة التي تَنصُر المظلومين طالَ الزّمن أو قَصُر، مثلما نُراهن على المحاكم الثّوريّة التي ستُقيمها المُقاومة بعد انتِصارها العظيم الوشيك الذي بدأت إرهاصاته في جبَهات القتال، وستَقتَصُّ من جميع مُجرمي الحرب.. والأيّام بيننا.
جميع الحقوق محفوظة لموقع © ذمار نت . تم تصميم الموقع بواسطة أوميغا سوفت