الخميس 17/ ذو القعدة/ 1446 - 15/05/2025 : ذمار نت
دعا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الشعب اليمني إلى الخروج المليوني المشرف يوم غدٍ في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات إسنادًا لغزة وثباتًا مع الشعب الفلسطيني. وقال السيد القائد في كلمته اليوم حول مستجدات العدوان على قطاع غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية "ليكن الصوت غدًا عالياً واضحاً بكل ثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني: نحن إلى جانبكم، والله معكم، والعاقبة لكم وللمتقين". وأشار إلى أن الخروج اليمني المليوني، هو خروج عظيم لا مثيل له في كل الدنيا، دون كلل ولا ملل وهو يعبر عن إيمان وضمير إنساني وعن أخلاق وقيم وشهامة ومروءة وعن إخلاص لله ووفاء. وأكد قائد الثورة أن الوقفات القبلية المسلحة مستمرة وتعبر عن الموقف الحاسم للشعب اليمني وتعبر عن الثبات والعزة الإيمانية والصمود والشجاعة والثقة بالله.. مشيرا إلى أن أنشطة التعبئة مستمرة من تدريب ومناورات وعروض عسكرية ومسير. ولفت إلى أن "شعبنا مستمر في أنشطته الشعبية بزخم عظيم ومسيرات الأسبوع الماضي كانت عظيمة وكبيرة ومشرفة بالعاصمة صنعاء وبقية والمحافظات والمديريات والأرياف". نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، حول مستجدات العدوان على قطاع غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 17 ذو القعدة 1446هـ 15 مايو 2025م: أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين. أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛ نتحـــدث في كلمـــة اليــــوم، عن تطورات العدوان الهمجي، الوحشي، الإجرامي، الإسرائيلي على قطاع غزَّة، الذي يمارس معتمداً على الدعم الأمريكي، والشراكة الأمريكية، والدعم الغربي المفتوح، جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في كل يوم. وحصيلة هذا الأسبوع في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة من الشهداء والجرحى: بلغ أكثر من (ألف ومائتين)، معظمهم من النساء والأطفال، وبينهم أسرٌ نازحة، أبادها العدو الإسرائيلي بأكملها. وتصل الحصيلة للشهداء والجرحى، منذ استئناف العدوان الهمجي الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزَّة: أكثر من (ألفين وثمانمائة شهيد)، وأكثر من (سبعة آلاف وسبعمائة جريح)؛ لتصل الحصيلة الإجمالية على مدى تسعة عشر شهراً في قطاع غزَّة: أكثر من (مائة واثنين وثمانين ألفاً) من الشهداء والجرحى والمفقودين، نسبةٌ كبيرةٌ بينهم، تقدَّر بـ 60% أو أكثر من النساء والأطفال، هذه الإحصائية لا يدخل فيها الشهداء والجرحى والمخطوفون والأسرى من الضِّفَّة الغربية، وإلَّا فالعدد أكبر. هذه المحصلة تبيِّن حجم الإجرام الرهيب من قبل العدو الإسرائيلي، الذي ينطبق عليه- بكل وضوح- أنه إبادة جماعية، وتستمر بين أوساط العالم الإسلامي، بمرأى ومسمعٍ من الجميع. ويستهدف العدو الإسرائيلي في قطاع غزَّة كل فئات المجتمع، ويسعى دائماً إلى إنهاء الخدمة الصحية، وإنهاء العمل الإنساني، حيث بلغ شهداء العمل الإنساني، والطواقم الطبية في قطاع غزَّة: أكثر من (ألف وأربعمائة شهيد)، ويستهدف النازحين في مراكز إيوائهم، التي عادةً ما يحددها كمناطق آمنة قبل ذلك، وقصف في هذه المدة ما يقارب (مائتين وخمسين) مركزاً لإيواء النازحين، على مدى تسعة عشر شهراً. ويستمر أيضاً في سعيه للإبادة عن طريق التجويع، وليس فقط بالقصف، الإبادة بالقنابل الأمريكية، والقذائف الأمريكية والغربية، التي تزوِّده بها الأنظمة الغربية، بل مع ذلك يستخدم التجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، وبات الوضع الإنساني في غزَّة مأساوياً للغاية، بعد نفاد ما تبقى من مخزونات الغذاء لدى المنظمات العاملة في مجال الإغاثة، وإغلاق جميع الأفران، ومعظم المطابخ التي كانت تُقدِّم عدداً محدوداً من الوجبات الغذائية لعددٍ محدودٍ من السكان. المشاهد المأساوية المؤلمة تُظهِر صرخات الأطفال وبكائهم، وهم يهيمون في الأرض بحثاً عن بقايا طعام، وتقف الأمهات حائرةً دون حيلة أمام صرخات أطفالِهِنَّ الرُّضَّع، البعض منهم باتت جلودهم تلتصق على عظامهم بسبب انعدام حليب الأطفال، البعض من أبناء الشعب الفلسطيني يحاولون أن يذهبوا إلى البحر؛ بهـدف البحث عن الصيد لتوفير القوت الضروري والطعام والغذاء، ومع ذلك يستهدفهم العدو الإسرائيلي، فهو يستهدفهم من البر والبحر والجو، هناك الكثير من الشهداء، ممن استشهدوا وهم في أثناء محاولاتهم لجلب الأسماك والصيد من البحر؛ بهدف إطعام أسرهم، حتى أوراق الشجر لم يعد الوصول إليها سهلاً؛ بعـد تجريف العدو الإسرائيلي لـ 80% من الأراضي الزراعية، أكَّدت سبع عشرة وكالة تابعة للأمم المتَّحدة ومنظمة غير حكومية، في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن الغالبية العظمى من أطفال غزَّة يعانون من حرمانٍ غذائيٍ شديد. فالمأساة كبيرةٌ جدًّا، تكشـف عن حجم الإجرام والعدوان الإسرائيلي من جهة، والذي- كما قلنا- يعتمد على الدعم الأمريكي، والشراكة الأمريكية، والدعم الغربي المفتوح من بريطانيا، وألمانيا... ودول متعدِّدة، وكذلك يستفيد كل الاستفادة من التخاذل الإسلامي في البلدان العربية وغيرها. أمَّــا في الضِّفَّـــة والقــــدس، فالعدو الإسرائيلي يستمر أيضاً في اعتداءاته بكل أنواعها وأشكالها: - وفي المقدِّمــة: الاستباحة لمُقَدَّسات المسلمين، بالاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى وتدنيسه، وهذه الاقتحامات مستمرة بشكلٍ شبه يومي. - أيضاً من الاعتداءات في الضِّفَّة الغربية والقدس: اقتحام العدو الإسرائيلي لـ (مدارس الأونروا) بالقدس، وطرده للطلاب، كمقدمة لإغلاق المدارس؛ فهو يحارب الشعب الفلسطيني في كل شيء، ويحاول أن يمنعهم من كل مقومات الحياة، أن يمنع عنهم حتى التعليم. - وكذلك اقتحام مجمع تعليمي شمال الخليل، وطرد الطلاب والاعتداء عليهم. - من أشكال الانتهاكات والاعتداءات أيضاً في القدس: إيقاف حفل زفاف في بلدة (العيزرية) شرق القدس، واعتقال العريس، وهذا يبيِّن- كما قلنا- الاعتداء الإسرائيلي والظلم بكل أشكاله ضد الشعب الفلسطيني، استهداف في كل شيء، حتى في حفلات الأعراس. - في هدم المنازل، يستمر العدو الإسرائيلي في هدم المنازل في أنحاء متعددة من الضِّفَّة الغربية، ولاسيَّما في المخيمات، وصل عدد المنازل التي هدمها في مخيم (نور شمس) أكثر من (أربعمائة منزل). - قطعان المغتصبين، الذين يطلق عليهم المستوطنون، يستمرون بكل أشكال الاعتداءات الدنيئة والمنحطة والسافلة، التي هي عبارة عن جلبطة، مثل: سرقات، أنواع من السرقات، الاعتداء على المواشي، الاعتداء على المحاصيل الزراعية، الإحراق للمزارع، ووصل بهم الحال أيضاً بالاعتداء على النساء الفلسطينيات، كما في قرية (المغير) شمال شرق رام الله. يواصل العدو الإسرائيلي في الضِّفَّة الغربية كل جرائم القتل والاختطاف، في مناطق مختلفة من الضِّفَّة، وقلع أشجار الزيتون، بما فيها أشجار مثمرة، ومن التطورات التي تكشف توجُّه العدو الإسرائيلي، بالاستمرار في مساعيه للسيطرة التَّامَّة على الضِّفَّة الغربية: قرار ما يسمَّى بـ [المجلس الوزاري المُصَغَّر]، قراره بمصادرة مساحات شاسعة في الضِّفَّة. ومع ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضِّفَّة الغربية، من المؤسف جدًّا أن تستمر السلطة الفلسطينية، ومن خلال أجهزتها القمعية، التي يفترض أنها جهاز أمني لحماية الشعب الفلسطيني، تستمر بالموازاة مع ما يقوم به العدو الإسرائيلي من ممارساتها السيئة، التي تصل إلى حد الإجرام ضد الشعب الفلسطيني بالقتل، بالقتل لأبناء الشعب الفلسطيني، وسفك دماء الشعب الفلسطيني؛ تعاوناً مع العدو الإسرائيلي، وتقرباً إليه، كما حدث في هذا الأسبوع، عندما قامت السلطة الفلسطينية بالقتل بدمٍ بارد لشابٍ فلسطيني في مخيم (الفارعة)، وبالاعتداء على مسنٍ أيضاً في الحي الشرقي بمدينة (جنين)، وهذا شيءٌ مؤسفٌ ومحزن أن تمارسه السلطة الفلسطينية! اليوم هو ذكرى النكبة (نكبة 48)، وهي ذكرى فيها الكثير من الدروس، وذات أهمية كبيرة، هي ذكرى مؤسفة ومحزنة، لنكبةٍ استمرت ولم تتوقف على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً، ما يقارب من (ستين ألف مجرم) من العصابات الصهيونية آنذاك، مدعومةً بقواتٍ بريطانية، شنَّت عدوانها على الفلسطينيين العُزَّل، الذين لم يكونوا يمتلكون السلاح ولا التنظيم، وتركوا كالفريسة لتلك العصابات المتوحشة. ذكرى النكبة هي تذكيرٌ بمظلوميةٍ كبرى، جرى الترتيب لها قبل تاريخها المعروف، وهي- كما قلنا- مستمرةٌ لم تتوقف بحق شعبٍ بأكمله، (الشعب الفلسطيني) الذي تحوَّل أبناؤه بالملايين ما بين مُهَجَّرٍ ومشرّدٍ من أرضه، وبين محاصرٍ ومروَّعٍ ويعتدى عليه، وعلى مدى أكثر من سبعة عقود من الزمن، أمام مرأى ومسمع المجتمع البشري، والمؤسسات الدولية، التي تقدِّم نفسها أنها معنية، وفي موقع المسؤولية، بحماية الإنسان وحقوقه. ذكرى النكبة ليست كأي ذكرى عاديةٍ عابرة، هي مأساة، وجرحٌ مفتوح، تؤرَّخ بدماء وأشلاء الأطفال والنساء، على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً، من أبريل (دير ياسين) 1948م، وحتى غزَّة، المذبحة المستمرة في هذه المرحلة إلى يومنا هذا، ذكرى تؤرِّخ لجريمةٍ تاريخيةٍ لم تنته فصولها، ارتكبتها بريطانيا والغرب، ونتج عنها: اغتصاب أرضٍ هي بلدٌ كامل، وتهجير شعبٍ بالملايين من أرضه. يومٌ يُذَكِّرنا بالحقد والكراهية اليهودية ضد العرب والمسلمين جميعاً، والتي تتجلَّى مصاديقها في الممارسات الإجرامية العدوانية للعدو الإسرائيلي كل يومٍ، في كل هذه المدة الزمنية، وينسف كل أفكار ونداءات الاستسلام والتعايش بين العرب والصهاينة، كوهمٍ وخدعةٍ كبرى. يومٌ يتذكَّره المجاهدون والشعب الفلسطيني، بصمودٍ أسطوريٍ لم تكسره المآسي والآلام، وبذاكرةٍ وهويةٍ لا تُمحى، وهم متمسكون بحقهم في فلسطين كاملة، بمياهها ومُقَدَّساتها، غير قابلةٍ للتشويه والتقسيم، أو الصفقات، تُذَكِّرهُم- ومعهم العرب والمسلمون- بالجليل وطبريّا، والناصرة، وبيسان، وعكا، وصَفَد، تُذكِّرهم بحيفا، تذكِّرهم بيافا، والخليل، والرملة، والقدس، تُذكِّرهم بغزَّة، وبئر السبع، تُذكِّرهم بأهمية الثبات في نابلس، وجنين، وطولكرم، وكل مدينة وقرية فلسطينية محتلة، تُذكِّرهم بحقهم في كامل فلسطين (بحرها، ونهرها، وسهلها، والجبل)، وكل ذلك سيستعاد حتماً بإذن الله تعالى، كما في وعد الله الحق، الذي لا يتخلَّف ولا يتغير. تُذَكِّر- أيضاً- هذه الذكرى تُذَكِّر بسلسلة الهزائم، التي مُنِيَت بها الجيوش العربية المرعوبة في غضون أيام، عندما سيطر عليها التخاذل، والوهن، وضعف إرادة القتال، وما سببه ذلك من تمادٍ للعدو الإسرائيلي على المنطقة بأسرها، سبعة وسبعين عاماً من العجز العربي الكامل- على المستوى الرسمي- عن ردع الكيان المحتل، في مقابل صمود ومقاومة فلسطينية، تُحاصَر وتُجَوَّع، ولا تلقى الدعم والإسناد- ولو بالحد الأدنى- لردع ذلك العدو المجرم. الدروس المهمة من النكبة ينبغي تسليط الضوء ولو على بعضها؛ لأن الأحداث مهما كانت مُرَّةً، وصعبةً، وقاسية، تتضمن الدروس المهمة، والعِبر المهمة، التي يمكن أن يُستفاد منها، في إطار المساعي والعمل الجاد لتغيير مسار الواقع، من خلال النهوض بالمسؤولية المهمة على هذه الأُمَّة، وبالاعتماد على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والثقة بوعده الحق. مـن هـذه الـدروس المهمــة لـ (نكبة العام 48) وإلى اليــــوم؛ لأنها- كما قلنا- هي نكبةٌ مستمرة: - في مقدمة هذه الدروس، والدرس الأول منها: أنه في كل هذه العقود الزمنية لم يتغير النهج العدواني الإجرامي الوحشي الصهيوني اليهودي: على مدى سبعة وسبعين عاماً، لم يتغيَّر كممارسات إجرامية عدوانية، بكل تفاصيلها اليومية، سواءً في مراحل التصعيد، التي يزداد العدو فيها وحشيةً وإجراماً، أو في غيرها، فالعدو مستمر بنفس السلوك الإجرامي: - يقتل الأطفال والنساء. - يغتصب الأرض. - ينتهك الحرمات. - يسيطر عدواناً وظلماً واغتصاباً على الأراضي، والمزارع، والبيوت، والمساكن. - يظلم الشعب الفلسطيني بكل أشكال الظلم، وبكل أشكال الإذلال، من ضربٍ، من إهانةٍ، من اعتقال، من مداهمة حتى للأعراس... وغير ذلك. - السجون والمعتقلات كذلك ممتلئة على الدوام بالمخطوفين والأسرى، الذين يمارس العدو الإسرائيلي ضدهم كل أشكال الانتهاكات والظلم. فكل الممارسات الإجرامية لم تتغير في سلوك العدو الإسرائيلي، على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً وهو مستمرٌّ في ذلك. وأيضاً المرتكزات لتلك التصرفات والممارسات والسلوك الإجرامي للعدو الإسرائيلي: المعتقدات، والفكر، والثقافة اليهودية، التي هي قائمةٌ على أساس التصنيف لما يُسَمُّونَهم بـ [الأغيار]، يعني: غير اليهود، بأنهم: [ليسوا بشراً، وبأنهم مستباحون، ومباحون حتى على أساس الشرع]، يعني: على أساس الشريعة الإلهية، زوراً وبهتاناً، يستبيحون الدم، يستبيحون الأرض، يستبيحون المال... يستبيحون كل شيء، وتعبئة عدائية، تعبئة كلها مشحونة بالكراهية، والاحتقار، والبغض، والعداء الشديد جدًّا؛ وبذلك ينشأ كل جيلٍ منهم وهو على مستوى أسوأ مما عليه سابقه، من الحقد، والعداوة، والاحتقار، والاستباحة لكل المحرمات. فالعدو الإسرائيلي لم يتغير، وهذا شاهدٌ على أنه كيانٌ إجرامي، ليس هناك إمكانية للتعايش معه، ولا للسلام معه، هو غير قابل لذلك؛ ثقافته، نفسيته، توجُّهاته، معتقداته، ممارساته، أهدافه، ما بُني عليه واقع تلك الإصابات الإجرامية اليهودية الصهيونية، هو بالشكل الذي لا يمكن إطلاقاً أن تتعامل مع الآخرين بسلام، باحترام، باحترامٍ للحقوق، إضافة إلى ماذا؟ إلى أن المسألة من أساسها قائمة على الظلم، على العدوان، على الإجرام، وهذه مسألة واضحة؛ فهو كيانٌ غير قابلٍ للتعايش، هو قائمٌ أيضاً- أساساً- على الاغتصاب، على الإجرام. كيف صُنِع هذا الكيان؟ وكيف استُقدِمت تلك العصابات الإجرامية إلى فلسطين؟ على أساس الاحتلال، والقتل، والتشريد، والظلم، ومصادرة الحقوق؛ فهـو كيان غير طبيعي، قائم على الظلم والإجرام، وهو غير قابلٍ للبقاء؛ لأنه ليس في إطار وضع طبيعي كبقية المجتمعات البشرية؛ إنما حالة ظلم، اغتصاب، اعتداء، إجرام مستمر... وغير ذلك. - ثانياً: على مدى كل هذه المدة الزمنية لم تتغير السياسة الغربية: في بريطانيا، في أمريكا، في ألمانيا... في كبريات الدول الأوروبية والغربية، لم تتغير السياسة الغربية عن مسألة الدعم الكامل، والتَّبَنِّي لتلك العصابات الإجرامية، وكانت على الدوام مفضوحةً؛ لأنها لم تراعي إطلاقاً الشعارات والعناوين، التي كثيراً ما ترفعها عن حقوق الشعوب، وحق تقرير المصير، وحقوق الإنسان... وغير ذلك. أين هو عنوان (الحُرِّيَّة)، التي كثيراً ما يتردد هذا العنوان في شعارات الغرب، عند الأمريكيين، وعند الأوروبيين كثيراً كثيراً؟! يُغَيَّب تماماً تجاه هذا الحق الثابت الواضح للشعب الفلسطيني، وتجاه الممارسات الإجرامية، والسلوك العدواني الاستعبادي الغربي، الذي يدعمه الغرب ضد شعوب أُمَّتنا، فهم لا يراعون لا شعاراتهم التي دائماً ما يطلقونها، كأسلوب مخادع للشعوب، وفي نفس الوقت هم لا يراعون حتى مصالحهم الكبرى مع بلدان العالم الإسلامي، وفي المقدِّمة البلدان العربية، أمريكا لديها مصالح كبرى في البلدان العربية والإسلامية، أوروبا كذلك، وهم مستفيدون بشكل كبير جدًّا، هم ينهبون ثروات هذه الأُمَّة، وهي سوقٌ مفتوحةٌ لمنتجاتهم، ومصالحهم فيها مصالح اقتصادية كبيرة جدًّا، والواقع يشهد بهذا، وبما هو غبن لهذه الأُمَّة، يعني: استفادة كبيرة جدًّا لهم؛ وغبن، وحرمان، وظلم لشعوب أُمَّتنا. ومع أنهم يستفيدون كل هذه الاستفادة الكبرى، مع ذلك هم لا يراعون شعوب هذه الأُمَّة، التي هم مستغلون لثرواتها ومصالحها، كل ذلك لم يفد معهم شيئاً، أمريكا، بريطانيا، ألمانيا، في مقابل أنهم ليسوا مستفيدين على المستوى الاقتصادي بشكل كبير من العدو الإسرائيلي؛ لأنهم- بالأساس- هم من يعطونه، ليس مصدر مصالح لهم، هو يأخذ منهم ولا يعطي، لكن حالهم مع العالم العربي، وبقية البلدان الإسلامية، حال أخذ، أخذ للمواد بالخام، للثروات البترولية وغيرها، بتريليونات الدولارات، مصالح كبيرة جدًّا يجنونها، دون أن يقدِّروا شعوب هذه الأُمَّة أي تقدير، أو أن يعطوها أي اعتبار، أو ذرةً من الاحترام، أو ذرةً من المراعاة، المراعاة لها في حقوقها، في مظلوميتها... وفي غير ذلك. - ثالثاً: من الدروس المهمة: أن الجانب الرسمي العربي- في معظمه- لم يلتفت بِجِدِّيَّة لمعالجة إخفاقاته: لأن هناك إخفاقات كبيرة في كل تلك المراحل: (نكبة 48) كانت إخفاقاً عربياً كبيراً، وهزيمةً عربيةً مدويَّة، وما بعدها كذلك إخفاقات مستمرة، التعاطي الرسمي العربي كان يفشل، ويتكرر فشله، ويتكرر إخفاقه، لكن المشكلة أنه لم يلتفت بِجِدِّيَّة إلى معالجة إخفاقاته، ولم ينجح في تكوين توجُّهٍ عربيٍ إسلاميٍ إنسانيٍ عالمي، يستمر ضمن مسار عملي واضح، لدعم القضية الفلسطينية، لدعم الحق الفلسطيني، لدعم هذه القضية، التي هي ذات بعد وأساس إسلامي، وإنساني، وأخلاقي: - فلها بُعد عالمي، وأساسٌ عالمي، وهو: الجانب الإنساني فيها. - وكذلك جانب إسلامي، يعني المسلمين جميعاً؛ لأن الشعب الفلسطيني جزءٌ من العالم الإسلامي، فلسطين كأرض جزءٌ من البلاد الإسلامية، المُقَدَّسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، في مقدِّمة المُقَدَّسات الإسلامية. فالحالة العربية ذات تأثير سلبي على المستوى الدولي، وعلى مستوى بقية البلدان، التي لا ترى لنفسها أن تكون أكثر اهتماماً من العرب أنفسهم، من المسلمين أنفسهم، وكذلك تأثير سلبي على الموقف الإسلامي لكثير من الدول الإسلامية. فالجانب الرسمي العربي اتَّجه على العكس من ذلك، في تبني أطروحات الاستسلام المُذِلَّة، والتنازلات المجانية، التي يُصِرّ عليها الجانب الرسمي العربي، بالرغم مما يقابلها به العدو العدوانية، ومن فشلها الواضح، وتخاطب العرب حتى مع المجرم (شارون) آنذاك بهذه اللغة: لغة التنازلات المجانية
جميع الحقوق محفوظة لموقع © ذمار نت . تم تصميم الموقع بواسطة أوميغا سوفت