الأربعاء 21/ جمادى الأولى/ 1447 - 12/11/2025 : undefined
نبيل الجمل - الطوفان يُفشل إتفاقية إبراهام
يُعد طوفان الأقصى المبارك، الذي اندلع في السابع من أكتوبر، زلزالاً استراتيجياً لم يضرب مواقع الاحتلال العسكرية والأمنية فحسب، بل ضرب بعمق أسس المشروع الصهيوني للهيمنة والتطبيع الإقليمي، وكشف وهن ركائزه التي بُنيت عليها. لقد تمحور هذا المشروع لسنوات حول اتفاقات أبراهام، التي سعت القيادة الإسرائيلية إلى تقديمها كدليل قاطع على "الاندماج الطبيعي" في المنطقة وتجاوز القضية الفلسطينية. لكن العملية المباركة جاءت لتمزق هذا الغطاء الوهمي، فزعزعت دول التطبيع، وكشفت هشاشة العلاقات التي أُقيمت على حساب دماء الشعب الفلسطيني وحقه، مما وضع الكيان في عزلة دولية وسياسية متزايدة لم يشهدها منذ عقود.
وفي ظل هذه الهزة الوجودية، تبذل قيادة الاحتلال جهوداً محمومة لاستعادة ما فُقد، محاولة إعادة ترتيب أوراق التطبيع المهترئة وتعزيز العلاقات مع الدول الموقعة على الاتفاقيات، في محاولة يائسة لتبييض صفحة جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة. وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن انضمام كازاخستان إلى ما يُسمى "الاتفاق الإبراهيمي" وتعزيز علاقاتها بالكيان خطوة مرفوضة ومستهجنة، وتمثل عملاً شائناً لتبييض جرائم الاحتلال في وقت تشتد فيه العزلة الدولية على الكيان وقادته. إن هذه الخطوة تتعارض مع أبسط المبادئ الأخلاقية والإنسانية في ظل المأساة التي يعيشها شعبنا.
ولم يقف الخطر عند حدود التطبيع العلني، بل امتد ليطال المؤامرات التي تُحاك في الظلام، كاشفاً عن نوايا العميل والمُطبِّع أحمد الشرع، الذي يظهر كدمية مصنوعة لخدمة الأجندات الصهيونية والأمريكية. إن اجتماعه مع المجرم ترامب لمناقشة الشأن السوري يظهر بجلاء توجهاته نحو التوقيع على ما يشبه "اتفاق أبراهام سوري"، وكذلك يتضمن تسليم مناطق استراتيجية للاحتلال الإسرائيلي تحت قيادة أمريكية، بهدف إنشاء قواعد عسكرية واستغلال ممنهج لثروات سوريا. ومع وجود قوى إقليمية ودولية أخرى كتركيا وروسيا، فإن وجود الشرع يُحوّل سوريا إلى دولة تنفذ ما تمليه عليها إسرائيل وأمريكا، متجاهلة بذلك سيادة الأمة ومقدراتها.
إن هذا المشهد لا يزيدنا إلا يقيناً بضرورة المواجهة الشاملة. وعليه، نجدد ونكرر مطالبتنا الصارمة لجميع الدول، وخاصة العربية والإسلامية، بقطع كافة أشكال العلاقات مع الكيان الغاصب، والابتعاد كلياً عن الانخراط في أية مشاريع تطبيعية معه. إن الخيار واضح وصارم من يتعامل مع هذا الكيان سيغرق حتماً في الهاوية، هاوية السقوط السياسي والأخلاقي والاقتصادي، ولن يكون مصيره إلا العزلة والانهيار أمام قوة الله والمقاومة التي أطلقها طوفان الأقصى.
جميع الحقوق محفوظة لموقع © ذمار نت . تم تصميم الموقع بواسطة أوميغا سوفت